الأربعاء، 19 أغسطس 2015

نوافذ

"يحلو لي منظر الغروب اينما كان، أعشق ذلك الحضن الدافئ، الذي يجمع  الشمس بسطح الماء البارد، و ظننت كثيرا انها تبات هناك و يعزفوا سويا سيمفونية نتاجها ضوء ساطع يسمى قمر الزمان، رأيناه كثيرا بدر الكمال و التمام...."

لما هذه النظرات؟! "اصغي إلى جيدا، كوني حريصة دوما، اجعلي عيناكي مفتوحة على من حولك و من يقترب منك يوما بيوما، اجعلي عينيكي تعكس مكر من حولك، و تجسده في ردود افعالك...نظراتك ان لم تتسم بالحدة ستكون عيناكي موطنا لكل حاقد و ماكر، ردي النظرة بمثلها...."


كثيرا ما تفكر في هذا الكلام و قليلا ما تنفذه، هل للعيون سحر لهذه الدرجة؟ و إن كان... هل للعينان وحدهما أن يكونا النافذة الوحيدة؟ عيناها لا تحميها من مكر من حولها كما قالوا! و لا حتى نظراتها  الحادة، لماذا تفقد بريق براءة نظراتها اذن؟

لا يمكنها استيعاب ذلك، فبريق براءة نظراتها هو الرؤية التي جعلتها تختلف عن الأخرين، و لكن من أين ينبع هذا البريق؟! بريق يجعلها تساوي بين ضوء الشمس و سطوع القمر، كلاهما  مختلف، و لكن لكل منهم دور، فانسجامها في مشهد الغروب لا يقل عن شغف قلبها بكرات النور المحيطة بقمر استمد ضوءه اصلا من قرص شمس قالوا عنه "يحتضر"

و هل الاحتضار يا سادة يولد مشهدا كاملا تغوص فيه؟ و هل من الأصل تكفي تلك النظرات العينية التي يتحدثون عنها لفك شفرة معاني ذلك الانسجام؟!

 انتقلت بنظرتها المادية من البحر و الشمس و قابلت عيناها البدر كاملا، تشعر بجمال كل نقطة نور حوله، و هنا تجد نفسها تقول "اذن العين أداة!" تفكر بسحر اخر مستها طاقته  دون ان تدري مصدره، لما لا يطلبون مني أن افتح قلبي؟ لما لا يقولون لي افتحي عقلك....لما العين و هي احدى النوافذ فقط....

فتحت عيناها، و تنفست لكي يتسع قلبها بلا خوف، و أطلقت العنان لروحها، فهدأ بال نفسها، فتحت كل نوافذها لترى  البراح و تسكن سعة  المجال، تركتهم يكتسبوا المزيد من الثقة، تركتهم يأخذوها لأكتشاف الدنيا مرورا بعالمي الشمس و القمر...

الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

و هل للنهر ذنب؟!

                                                              و هل للنهر ذنب؟!

تقف كل غروب على ضفافه من بعيد، تستنشق هواءه المفتون بالخيالات، فلا تجد من نفسها الا تكرار نفس السؤال " و هل للنهر ذنب؟" و لكنه لا يرد سؤالها الا بالمزيد من الخيالات، المزيد من الظلال المدفونة في قاعه، تطفو عليه، تطغو على أشجار ضفافه، تتلون في غروبه، نفس الموعد الذي اعتادا فيه اللقاء.

لا ينقص المشهد شئ غير شريك اللقاء، هل لم يعد يحب النهر؟! هل للصمت دور في ذلك؟! عله أراد ان يختفي قليلا و يرسل خيالاته تجتاح عليها النهر و ضفافه، هل هذاعقابه لصمتها في وجوده! هل لها ان تستقل ذلك القارب و تدفع بقلبها و صمتها بزيارة إلى ذلك الكوخ البعيد.

"هيا أيها القلب امسك بالمجداف و اقذف الصمت لعل البعيد يراك، و انت يا من تخيلت أنك حبيب القلب، هلا كأني أراك، أهذا طيفك، أم أنه شبح الصمت يخيم على المكان" لا تدري شيئا، و لكن طيفه يقترب، بل انه هو الذي يقترب، تلمس يديه، تحتضن قلبه، و لكنها ما زالت صامتة، ألم تتعلم بعد....

"لا يهم" ، كسر الطيف الصمت - بل كسره هو- فما رأه من على الضفاف في الناحية الأخرى كان أبلغ و أقوى و أوقع من أي كلام، رأها كطفل صغير يبحر دون قارب، و القارب يقف فيه محبي الكلام، بل و يرفضوها لمجرد صمتها....

الصمت قوة لا يدركها الجهلاء، فوقع قوة صمتها وصل إليه اسرع من قارب الكلام المعسول ذاته، تخرج عن صمتها بنفس السؤال "هل للنهر ذنب...ما ذنبه أن يتحمل ما يقال عنه.....ما جريمته ليسمع انه غادر ويصمت ....ماذا جنى قرص الشمس الذي يرتمي في أحضانه حتى يتهمونه بأنه مشهد للفراق....ماذا فعل النهر غير الصمت....و ان فعل فلا فعلة له غير الفيض...يفيض بخيالاته في أطياف عابرة لعلها تكون حقيقة يوما ما....