الجمعة، 18 مارس 2016

بكرة خيط



شعور ينتابني كل يوم، كأنه حلقة من مسلسل يأتي على موعده اليومي، و لا يخلفه أبدا، بكرة من الخيط يترامى طرفها الأول و ليس لها طرف أخر، انتهى يوم العمل، و كالعادة يتكرر روتين ما بعد العمل، و لكن اليوم عيد ميلاده...
ذهبت إلى مدرسة الأولاد، و اصطحبتهم في مشاوير لا مفر منها لتلبية حاجاتهم و حاجات البيت، وقفنا أمام محل للورد، فاجئتني جملة صغيري كريم "من امتى بنشتري ورد يا ماما؟" فردت هنا "انهاردة عيد ميلاد بابا يا عبيط". أتسعت عيناي من الدهشة، صغيران لم يكملوا سنواتهم العشر بعد، و يدققون فيما حولهم لهذه الدرجة، شدت هنا يدي و قالت "هااااه هنشتري زي كل سنة؟"، نظرت إليها ثم دخلت المحل، انتقيت بعض أزهار القرنفل البنفسجية، فأنا أعلم كم يحبها، ابتعت تلك الباقة و خرجنا من المحل.
في البيت تبدأ حلقة جديدة من المسلسل اليومي، أرى كل ما أفعله اليوم روتيني و ممل حتى شراء الورود، تركت صغيراي في حجرة المعيشة و قمت أبحث عنه في ذكرياتنا معا، وقفت أمام الدولاب، مددت يدي و سحبت ألبوم الصور، تجولت بين اللقطات، فوجدتني أسترسل التفاصيل و الأقاويل المصاحبة لكل صورة في فترة الخطوبة و بداية الزواج، هل أصابتنا العين كما تقول أمي أم إنني رأيت فقط نصف الحقيقة؟...قالوا عنه الكثير و لا أعرف ان كن سمعتهم أم إني رأيت فقط صورة فتى الأحلام ! و لكني متأكدة أنني انتبهت جيدا حين قالوا أنه بخيل في مشاعره، و أصغيت إليهم جيدا حين رددوا أن نزواته كثيرة، و لكن سرعان ما تبددت هذه الأقاويل و تبقى فقط الصورة التي تعكسها مرآة الحب كما يقولون.
"ماما ماما ...بابا جه"، رن صوت كريم من الخارج، فمسحت دموعي و خبأت الألبوم و خرجت إليهم، فاجئني سؤاله: "مين اللي جاب الورد ده؟" لم أرد و لكن هنا قامت بالواجب قائلة "دي ماما اللي جيباه يا عم"، ابتسمت لغمزة عين صغيرته و قلت له "كل سنة و انت طيب" "و انتي طيبة في أكل إيه؟"، برودة الرد في كل عام تصاحبني كالعادة، ذهبت إلى المطبخ و حضرت الطعام، و أكلنا في صمت،  كالعادة ناما هنا و كريم، ألحت عليه عينا أن يتجاوب و لو بكلمة و لكن نام هو أيضا...أستيقظنا على المنبه و بدأت يوما أخر، انفرطت فيه بكرة الخيط مرة أخرى...
15 فبراير 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق