"مفيش حاجة في الدنيا الشيكولاتة متقدرش
تغيرها"، يقلب في مذكراتها، لم يتعود فعل ذلك طيلة حياتها، يحترم خصوصيتها أو
يدعي ذلك، و لكنه لا ينكر فضوله أحيانا لمعرفة مكانته عندها و معرفة ما تريده قبل
أن تطلبه. يستكمل فيجد نفس السطر متكررا "لما أنا؟ هل فعلا يحبني؟ أم فقط
يستمتع معي بعيشة بلا قيود؟"
ذكرته الجملة بأخر لقاء بينهما، عندما وقفت
عند الستائر الرمادية التي تخفي ظلام الليل و لا تدع نور النهار، و حينها سألته:
"هو أنا إيه بالنسبة لك؟" تنهد طويلا كأنه يحتاج الهواء الموجود بالغرفة
كله بل و لا يكفيه، نظر إليها و لم ينطق بكلمة، تعجبت أو توقعت و قالت ساخرة:
"يااااااااااااااااااااااه هو السؤال صعب أوي؟" لا يعلم ماذا يقول أو
ربما يعلم و لكنه لا يستطع البوع، يقف الكلام في حلقه.
اقتربت منه و ضحكت و قالت "طيب
يلا", نظر إليها متعجبا "يلا إيه؟"، انزعج من إشارتها إلى تلك الحجرة
المظلمة التي تشهد تحوله خلالها إلى النقيض، غمزة عينيها و إشارتها إلى
السرير-المكان الوحيد الذي تظل له صامتة فيه- جعلاه يستشيط غضبا، أو ربما تعرى
أمامها بدلا من أن تتعرى هي في ذلك الظلام الدامس، "أنتي اتجننتي؟" ،
"لا أنا بس فاهمة أنا إيه بالنسبة لك؟!"
عاد ثانية إلى صفحات مذكراتها التي تطوي
أسرار عاشها و لم يعرفها، و في أولى الصفحات وجد خاطرة عنوانها من أنا؟ "أنا
ايد ممدودة على طول...فاقدة الأمان و بديه...أنا عاملة زي العربية اللي بتوصله أي
مكان هو عايزه...بس أنا بوصله لحالة، إيه يعني هو مش الحالة و المكان واحد؟!"
يتذكر الليلة الأخيرة جيدا ذلك الرداء
البنفسجي الذي يعشقه، و هو ينسدل من على جسدها، لمساتها التي تحييه في كل مرة و
كأنها امرآة اخرى، تجاعيد جسدها الذي يعلم جيدا أنه هو الوحيد الذي يسكن فيها،
ضعفها بين ذراعيه، خضوعها و إلتصاق جسدها بالسرير، لا تقاوم و لا تصل إلى النشوة،
يتحكم فيها، يغزو جسدها الذي يعلم جيدا أنه الأول و الأخير في الوصول إليه.
يكمل التصفح في طيات مذكراتها، لم يفهم بعد
جملة الشيكولاتة، بل و فاجئته جملة أخرى "كان نفسي أتقوى بالشيكولاتة كان
نفسي تغطيني و تحميني زي م بتحضن الكيت كات اللي بيجيبهالي، كان نفسي مبقاش زي
البسكويتة في إيديه" ، أذهله التشبيه، فتذكر ضعفها ثانية في كل مرة تريد حلا
لعلاقتهما، "كان نفسي الشيكولاتة اللي بيجيبها تغطي اللي كان ناقصني
منه"، أدرك حينها أن مع كل علبة شيكولاتة يقدمها لها، يقع من على جسدها
الرداء البنفسجي.
نزل كالمجنون إلى السيارة، صرخ صرخة مكتومة
حين وجد جواره علبة شيكولاتتها المفضلة، كانت الهدية التي لم تصلها، رن هاتفه،
إنها زوجته و لكنه لم يرد في المرة الأولى، فتح علبة الشيكولاتة و تذوقها لأول
مرة، رن التليفون ثانية، فرد "أيوة، أنا جاي أهو"، لا يعلم إن كان
استسلم للأمر الواقع أم نها صدقت حين قالت "مفيش حاجة في الدنيا الشيكولاتة
متقدرش تغيرها"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق