"انتي فين يا بنتي مش شيفاكي"، تلتف حولها
بحثا عن صديقتها في المول، "انا جوة في الكافيه اهو"، دخلت إلى المقهى،
و تعجبت لما لا تتذكر في كل مرة ان هذا الزجاج لا يوضح لمن في الخارج من يجلس
بالداخل، لعلها تعودت على زجاج الفتارين الشفاف، "كل مرة عبيطة بتشاور لك من
جوة و هبلة مش شيفاها من برة...ههههههههه مش هنبطلها على فكرة اصل احنا
اتعودنا"...
احتضنا بعض و تبادلا كلمات الشوق ثم جلستا و طلبا
مشروبهما المفضل "2 موكا لو سمحت"، "وش تقيل و كريمة و صوص
كراميل"، لا تفرق من يطلبه قبل الاخر، تبادلا أطراف الحديث، "يا بنتي هي
هتفضل كدة عادي يعني"، اعتادت على ردها فهي ستظل كما هي، قليلة الكلام و لكنه
ممتع، "اشربي اشربي" يستمتعا سويا بحبات السكر البني الذي يرشاه على سطح
الوجه السميك و لا يقلبا، تسألها ثانية "أيوة بس ليه كدة، بيلمعوا على
الفاضي، طفي النور و هتلاقيهم يع يعني" ، "يلا عشان ألحق اشتري الفستان
طيب"، نطلب الحساب و نغادر متجهين إلى فتارين السواريه، "قيسي ده
طيب" ...واحدا تلو الأخر، ذلك يحتاج تعديلات و هذا لا يليق و الاسود جميل و
لكنه قاتم...تلفت نظرهما فترينة الكاجوال، "بصي ده حلو اوي"، ينظرا
إليها ثم يتطلعا ضاحكتان إلى بعضهما...
يكملا المشي، يمران بين ذلك الزجاج الشفاف، فتارين
فتارين فتارين ، "عارفة ان الفتارين دي بقى بيتعرض فيها ناس"، تنظر
إليها متعجبة، "الموكا عملت شغل عالي و لا إيه"، "بصي ده",
تشير إلى ذلك الفستان الفضي الذي أخذتها لمعته، يدخلا لتجربه، "بيلمع اوي مش
انتي، ممكن يلبسه اللي بيتعرضوا في الفتارين"، تضحكا بصوت عال، جعل الفتيات
في المحل يتعجبن منهما...يرن هاتفها فإذ هي أمها "انتي فين يا هانم اخلصي
عشان كدة كدة هتروحي الفرح سواء جبتي فستان أو مجبتيش"، "حاضر أنا في
المول اهو"، تغيرت تعابير وجهها بعد المكالمة، فسألتها صديقتها و لكنها لم
تجب
خرجا من المحل، و قالت لها "مش هجيب سواريه
اصلا"، تعتقد أنها محقة، فالفرح أيضا فترينة من نوع خاص، لسلع لم تخلق لتكون
سلعا، أتخيل الفرح دائما كقاعة من الزجاج الذي لا يكشف لمن بخارجه ما يحدث بداخله،
و لكن كل من بداخله يرون بعضهم بوضوح و تجلي، "ايييييه سرحتي في ايه؟"،
تجيب بالنفي فتسحبها من يديها إلى فاترينة الكاجوال الأولى، "بصي عشان نجيب من
الاخر، الكاجوال واضح و صريح" ، "طيب يلا بينا "، جرتها من يدها و
دخلوا المحل، قصدت هذه المرة ان تختار نمطا مختلفا عما ترتديه دائما، اختارت تلك
الألوان النهارية، حيث القميص الكتان الأبيض و قصدت فوقه ذلك "الفيست"
بنقوشه الشرقية حيث النخيل العالي و الشمس بينه ساعة الغروب، و أكملت الصورة بذلك
البنطال المرقع الذي تثق جيدا أن أمها لن تسمح لها بالذهاب به إلى الفرحة حيث أنه
لا يحقق صورة السلعة المرغوبة في فاترينة العرض و الطلب، دفعت الحساب ثم دخلت إلى
الكوافير، طلبت هذه المرة من مصفف شعرها تلك القصة الغريبة التي عرضها عليها مرة و
لم تقبلها، قصته و صبغته بدرجة جديدة من اللون الكستنائي، ودعت صديقتها و ذهبت إلى
البيت بعد الاتصال العاشر تقريبا من أمها...فوعدت والدتها انها ستلحق بها إلى قاعة
الفرح...
دخلت البيت مسرعة إلى غرفتها، بدلت ملابسها بذلك الطاقم
الكاجوال الجديد، و صففت شعرها لتظهر قصته الجديدة، و مسحت طلاء أظافرها، و لبست
خواتم فضية بطابع شرقي غريب، و نظرت لنفسها في المراة راضية و اتجهت إلى الفرح،
تلك الفترينة الواسعة التي تنتظرها، أخذت نفسا عميقا و دخلت بهدوء، و في حالة من
الجدل الذي تتوقعه انجذبت نحوها العيون و تبارت الألسن في التعليق على شكلها غير
المألوف، لفتت الكلمات نظر أمها فنظرت إلى تلك الفتاة التي أصبحت حديث الجميع
لتجدها ابنتها، فهبت غاضبة و مؤنبة...و قابلتها هي بابتسامة عريضة تنم عن رضا لتلك
الفترينة التي اجبرت على التواجد فيها ....و لكن كما تحب أن تكون ...فقط كما هي و
ليس سلعة.